ترتفع الاستفهامات حول الحدود التي تحكم علاقة الرئيس بالمرؤوس في أنظمة العمل، وتحديداً فيما يتعلق بالتمييز بين العاملين، فهل من حق الرئيس أو المسؤول أن يميّز بين العاملين تحت إدارته في التعامل والتكاليف والانضباط في الوقت وغير ذلك، أم أن التساوي بين الجميع هو الذي تفترضه الأنظمة في هذا الشأن؟
«عكاظ» سعت للإجابة عن هذه الاستفسارات باستقصاء الرأي لخبيرين في المجال.. ففي البدء يقول المستشار الإداري والعمالي طلعت ناقرو، إن الأسئلة كثرت بالفعل في الآونة الأخيرة من بعض العاملين حول ما يرون أنه تمييز بين العاملين قد يقع من بعض أصحاب العمل أو المفوضين بالإدارة، إذ يتم التغاضي عن توقيع الجزاء المقرر نظاماً على بعض العاملين حال ارتكابهم بعض المخالفات؛ مثل التأخير عن الحضور للعمل في المواعيد المقررة، في حين تتم مجازاة العاملين الآخرين عن المخالفة ذاتها. والحقيقة أن من المعلوم أن لكل مخالفة جزاءً إدارياً مقرراً بلائحة تنظيم العمل بالمنشأة، إلا أنه يجب، أيضاً، إيضاح أن لصاحب العمل في القطاع الخاص أو المدير المسؤول سلطات تقديرية أوسع في ما يخص توقيع الجزاءات الإدارية من عدمه، ومن الممكن أن يتغاضى صاحب العمل أو من يمثله أو ينوب عنه عن إيقاع العقوبات الإدارية عن بعض المخالفات من بعض العاملين لاعتبارات موضوعية كتميز العامل أو ارتفاع إنتاجيته أو حسن سلوكه العام أو تحقيقه النفع للمنشأة بخلاف غيره الذي لا تتوافر لديه تلك الاعتبارات، ويرتكب على الرغم من ذلك المخالفات الإدارية حتى إن كانت بسيطة.
في هذه الحالة يشير ناقرو، إلى أنه إذا ثبت أن تمييز صاحب العمل أو من يمثله أو ينوب عنه مبني على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو اللون أو المحاباة لصله قرابة أو مثل ذلك من الحالات التي قد تدخل ضمن نطاق الفساد الإداري، فإن هذا الفعل يقع تحت حكم الفقرة السابعة والعشرين، من جدول المخالفات الجديد والعقوبات المقابلة لها الصادرة بموجب قرار وزير الموارد البشرية رقم 92768، والتي قررت جزاء الغرامة بمبلغ يراوح بين 2.500 و10.000 ريال، وتتعدد تلك الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت عليهم المخالفة.
الخاص والعام.. هناك فرق!
هشام السليماني، الخبير بالموارد البشرية يقول: إن مسألة التمييز بين العاملين من قبل رؤسائهم تبدو ذات شقين؛ الشق الأول بافتراض أن هذه المسألة تقع في القطاع العام، وهنا نكون أمام نوع من المخالفات الإدارية التي من الممكن أن يتم الإبلاغ عنها في نزاهة، أو دون تصعيد للقسم أو إدارة المتابعة في الوزارة، لأن موظفي الدولة لهم دوام محدود وعمل محدود وساعات محدودة دون زيادة أو نقصان.
أما الشق الثاني، بحسب السليماني، فهو يتعلق بالقطاع الخاص، وهنا فإن المسألة لا تستوجب المساءلة، ومن الممكن للموظف أن يشكو لإدارة الموارد البشرية، فتتولى هذه الإدارة القيام بالاستيضاح تجاه الموضوع، لأن القطاع الخاص يقوم على الإنتاجية بأكثر مما يقوم على الوقت؛ إذ يداوم شخص، على سبيل المثال، لساعتين ولكن إنتاجيته بمليوني ريال، ويقوم شخص آخر بالدوام لـ16 ساعة وإنتاجيته لا تبلغ 100 ألف من الريالات.
غير أخلاقي وغير قانوني
المحامي أحمد المحيميد، يرى أن المحاباة والمحسوبية في بيئة العمل عمل غير أخلاقي وغير قانوني، وتتمثل في قيام بعض المسؤولين أو المديرين بمجاملة أحد الموظفين أو العاملين على حساب غيره دون سبب قانوني أو سبب وجيه، وتأتي المحاباة بالغالب بنتائج سلبية وعكسية؛ أبرزها فقد الهيبة وتدني الإنتاجية وتسرب الكادر الوظيفي الجيد، وأيضا تؤثر سلباً بمعنويات الموظفين الآخرين، وقد تدمرها، وربما أصابتهم بالإحباط، وقلة الاهتمام بالعمل، وفقد هيبة المدير أو المسؤول ودخول الشللية في بيئة العمل.
المحاباة في بيئة العمل من أبرز السلبيات عند عدم تفعيل الحوكمة في بيئة العمل، إذ إن من شأن الحوكمة تفعيل عدم تعارض المصالح والإفصاح والشفافية؛ وهي بالمناسبة سلوك غير أخلاقي يخالف آداب وأخلاقيات مدونة السلوك الوظيفي. المحاباة قد تفسر بأنها فساد إداري، أيضاً، إذا اقترنت باستغلال السلطة الوظيفية لمنح أحد العاملين مزايا غير نظامية، وذلك بإساءة استخدام الصلاحيات الوظيفية، وهي -بلا شك- من جرائم الفساد الإداري المعاقب عليه بقوة النظام بالسجن والغرامة والفصل؛ سواء في نظام الخدمة المدنية أو في نظام العمل، وتلقي البلاغات يتم عبر وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
تملق المدير
روت متضررات من التميز السلبي لـ«عكاظ»، مواقف تعرضن لها وتقول فاطمة: إن محاباة المدير أو المديرة لبعض الموظفين والموظفات تعكس حالة يعيشها المنضبطون في الدوام؛ إما لأن المدير يخاف من الموظف القوي ويتساهل معه في عدم احتساب دقائق التأخير أو لأنه يعرض خدماته للمدير ويتملقه لتحقيق مآربه في كثرة الاستئذان غير المبرر وعدم تدوين وقت الاستئذان في سجل الدوام.
وهذه العينة من المديرين والمديرات محاسبون على تضييع الأمانة والتفريق بين الموظفين.
حذاري من دعاء المظلومات!
نوال عبدالرحمن ترى أن الملف شائك، لكن أسبابه معروفة لدى الكثيرين، إذ تدخل المصالح الشخصية في هذا الجانب، ويشعر فريق العمل بوجود فوارق في تقدير الجهود والعطاءات، فيمتدح المتخاذلة في عملها وإن كانت مقصرة، ويُدقق على المجتهدة الحريصة لمجرد الغيرة والحسد من المدير أو المديرة، إزاء بعض الموظفات على خلفية أخطاء غير موجودة، واستغلال السلطة لتصفية الحسابات افتعالاً بشكل مسيء، ويعد هذا أهم أسباب تدني الأداء والنفور من الدوام.
ومن الظلم توزيع المهمات السهلة على المقصرات المتهاونات في أداء مهماتهن، بينما تُسند المهمات الثقيلة على المنضبطات المتميزات وكأنه عقاب لهن ومكافأة لمن هن أقل منهن إنجازاً ودافعية وعطاء، وهذا من شأنه تعطيل التطوير والصدود عن الابتكار «ونصيحتي لهذه العينة من المديرين والمديرات أن يتقوا الله والعدل بين الجميع فإن دعوة المظلوم منصورة ولو بعد حين».
راقبوا أداء المديرين
نورة الهزاع تعتقد أن بعض المديرين يعملون تفرقة بين الموظفين، فيعطي موظفاً لا يملك أي موهبة أو خبرة أو مؤهلات منصباً ومن يملك الشهادة والخبرة يهمشه، لذلك أطالب الجهات المختصة بمراقبة وضع العمل ووضع رقم للبلاغات. وتتفق معها ياسمين الفهد، وتروي حكاية صديقة لها تشكو من مديرها؛ الذي همشها ولم يمنحها أي مهمات؛ لأنه لا يريدها أن تبرز أكثر منه لأنهما في مجال واحد مع أنها متميزة.
مزايا غير مستحقة
مدرب التنمية البشرية عبيد بن عبدالله البرغش يقول: إن بيئة العمل، عادةً، تتنوع في جانب الكفاءات والتخصصات وتجمع العديد من المهارات والطاقات المختلفة والمتنوعة، والكل ينشد تحقيق الهدف من خلال وظيفته ومع ذلك، قد يواجه بعض الموظفين تجارب سلبية في بيئة العمل نتيجة للتمييز والمحاباة، إذ يتم اختيار بعضهم عن الآخرين للحصول على مزايا غير مستحقة؛ مثل الإجازات بغير وجه حق والتأخير وغيرها من المزايا غير القانونية وغير العادلة.
ويضيف البرغش، أن تحقيق بيئة عمل عادلة ومنصفة يعد أمراً حيوياً لاستقرار العمل وتحقيق الإنتاجية والرضا العام، فتمييز الموظفين في بيئة العمل ينطوي على آثار اجتماعية سلبية على الأفراد المتضررين وعلى العمل نفسه، فعندما يتم اختيار موظف ومنحه مزايا غير مستحقة، ينشأ شعور بالظلم والإحباط بين الموظفين الآخرين الذين يشعرون بأنهم تم تجاهلهم رغم جهودهم وكفاءتهم، وهذا الشعور يؤدي إلى تدهور العلاقات بين الزملاء وتقسيم الموظفين إلى مجموعات صغيرة تنشأ عندما يشعر بعضهم بالمزايا المفرطة التي يتلقاها الآخرون.
تأثير على الإنتاج والمصداقية
يرى البرغش، أن الآثار الاجتماعية للتمييز في بيئة العمل تمتد إلى الأثر على الأداء العام والإنتاجية عندما يشعر الموظفون بعدم العدالة وعدم التكافؤ في المعاملة، فإنهم يفقدون الحماس والتفاني في العمل ويتأثرون سلباً في أدائهم. يتسبب التمييز في تقليل الروح الجماعية والتعاون في الفريق، مما يعيق تحقيق الأهداف المشتركة والابتكار، فالتمييز والمحاباة، أيضا، يهدد النظام والسلوك الأخلاقي في بيئة العمل عندما يسمح لموظف بالتأخير أو يتم منحه إجازات بغير وجه حق؛ ما يفتح الباب أمام الفساد والانتهاكات الأخرى في بيئة العمل، ما يؤثر سلباً على سمعة ومصداقية المؤسسة التي توضح الآثار الاجتماعية للتمييز في بيئة العمل أن التمييز والمحاباة لهما تأثير سلبي على الموظفين والعمل نفسه، يجب على المؤسسات وأرباب العمل تبني سياسات عادلة وشفافة وتطبيقها بدقة وضمان معاملة الموظفين بالتكافؤ وإعطاء الفرص المتساوية للجميع، ويتطلب ذلك تعزيز ثقافة العدالة والمساواة وتوفير بيئة عمل تشجع على التعاون والابتكار.
المديرات لهن رأي!
أمل حمد قالت: حينما كلفت بقيادة مدرسة ثانوية، سعيت جاهدة لتوفير بيئة تعليمية نظيفة وراقية، وحاولت التوفيق بين مطالب الزميلات شاغلات الوظائف التعليمية والإدارية وبين واجباتهن الوظيفية مع مراعاة ظروفهن الإنسانية الخاصة بما لا يتعارض مع الأنظمة.
ورأت زميلاتها منها انضباطاً في الدوام، وحرصاً على القيام بمهامها كأحسن ما تكون تحقيقاً للأهداف، «لم أكن قائدة بقدر ماكنت أختاً لزميلاتي أتعاون معهن وأبدل قصارى جهدي لتطوير أدائهن وإكسابهن المزيد من الخبرات من خلال إلحاقهن بالدورات التدريبية وتنفيذ الزيارات التبادلية بين زميلات التخصص الواحد مع استثمار بعض الحصص في الأسبوع لطرح بعض المعوقات التي تواجه المعلمات وطرح الحلول المتاحة لمعالجتها».
وداع دامع لمديرة نموذجية
تواصل أمل حمد: «كان شعاري إتاحة الفرص للجميع مع تحقيق العدالة بينهن، كان يهمني رأي المستفيد الأول؛ بناتي الطالبات، وراحتهن النفسية بالدرجة الأولى مع متابعة مستواهن التحصيلي وتقويمه وفق خطط مدروسة. عاملت زميلاتي بالرفق والتعاون حتى ظنت كل واحدة منهن أنها الأقرب لقلبي، ولم تخذلني واحدة منهن في أي موقف أو موسم، وبفضل الله ثم بفريق العمل الناجح والطالبات النجيبات حصلت مدرستنا على تقييمات مرتفعة في شتى المجالات».
ويوم غادرت مدرستي الجميلة لم تفارقني أجمل اللحظات التي قضيتها مع الزميلات والطالبات والعاملات تشيعني دعواتهن الصادقة، وتبكيني مشاعرهن الغالية نحوي عبر رسائل شوق وحب ووفاء لم تزل حتى اللحظة في خدمة الواتساب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
الانحياز فقط للمجتهد
المدير بدر سعد قال: بعض المديرين قد يلجأ بتمييز موظف عن الآخر لأسباب، وأنا كمدير انحاز للموظف الذي يهتم بعمله ويبرز جهده حتى أشكره وأخدمه.
أما القائدة ابتهال العتيبي، فترى أن القائد الناجح يصنع جواً من الألفة في إدارته، يحفز، يوجه، ويأخذ بيدهم لمحطات جديدة، لينهض بمنظومته ويسعى خلف كل جديد، ويستثمر التقنية في تسريع أعماله، ويضع بصمته فيبقى أثره عند رحيله.
وتختم القائدة ريتاج القرشي: نجاحهم نجاحي وخطأهم خطئي، يهمني أجعل الأعمال لخدمة الوطن وكل واحد يحقق نجاحات ولا أفرق بين الموظفين لأخلق بيئة عمل جاذبة.
«عكاظ» سعت للإجابة عن هذه الاستفسارات باستقصاء الرأي لخبيرين في المجال.. ففي البدء يقول المستشار الإداري والعمالي طلعت ناقرو، إن الأسئلة كثرت بالفعل في الآونة الأخيرة من بعض العاملين حول ما يرون أنه تمييز بين العاملين قد يقع من بعض أصحاب العمل أو المفوضين بالإدارة، إذ يتم التغاضي عن توقيع الجزاء المقرر نظاماً على بعض العاملين حال ارتكابهم بعض المخالفات؛ مثل التأخير عن الحضور للعمل في المواعيد المقررة، في حين تتم مجازاة العاملين الآخرين عن المخالفة ذاتها. والحقيقة أن من المعلوم أن لكل مخالفة جزاءً إدارياً مقرراً بلائحة تنظيم العمل بالمنشأة، إلا أنه يجب، أيضاً، إيضاح أن لصاحب العمل في القطاع الخاص أو المدير المسؤول سلطات تقديرية أوسع في ما يخص توقيع الجزاءات الإدارية من عدمه، ومن الممكن أن يتغاضى صاحب العمل أو من يمثله أو ينوب عنه عن إيقاع العقوبات الإدارية عن بعض المخالفات من بعض العاملين لاعتبارات موضوعية كتميز العامل أو ارتفاع إنتاجيته أو حسن سلوكه العام أو تحقيقه النفع للمنشأة بخلاف غيره الذي لا تتوافر لديه تلك الاعتبارات، ويرتكب على الرغم من ذلك المخالفات الإدارية حتى إن كانت بسيطة.
في هذه الحالة يشير ناقرو، إلى أنه إذا ثبت أن تمييز صاحب العمل أو من يمثله أو ينوب عنه مبني على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو اللون أو المحاباة لصله قرابة أو مثل ذلك من الحالات التي قد تدخل ضمن نطاق الفساد الإداري، فإن هذا الفعل يقع تحت حكم الفقرة السابعة والعشرين، من جدول المخالفات الجديد والعقوبات المقابلة لها الصادرة بموجب قرار وزير الموارد البشرية رقم 92768، والتي قررت جزاء الغرامة بمبلغ يراوح بين 2.500 و10.000 ريال، وتتعدد تلك الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت عليهم المخالفة.
الخاص والعام.. هناك فرق!
هشام السليماني، الخبير بالموارد البشرية يقول: إن مسألة التمييز بين العاملين من قبل رؤسائهم تبدو ذات شقين؛ الشق الأول بافتراض أن هذه المسألة تقع في القطاع العام، وهنا نكون أمام نوع من المخالفات الإدارية التي من الممكن أن يتم الإبلاغ عنها في نزاهة، أو دون تصعيد للقسم أو إدارة المتابعة في الوزارة، لأن موظفي الدولة لهم دوام محدود وعمل محدود وساعات محدودة دون زيادة أو نقصان.
أما الشق الثاني، بحسب السليماني، فهو يتعلق بالقطاع الخاص، وهنا فإن المسألة لا تستوجب المساءلة، ومن الممكن للموظف أن يشكو لإدارة الموارد البشرية، فتتولى هذه الإدارة القيام بالاستيضاح تجاه الموضوع، لأن القطاع الخاص يقوم على الإنتاجية بأكثر مما يقوم على الوقت؛ إذ يداوم شخص، على سبيل المثال، لساعتين ولكن إنتاجيته بمليوني ريال، ويقوم شخص آخر بالدوام لـ16 ساعة وإنتاجيته لا تبلغ 100 ألف من الريالات.
غير أخلاقي وغير قانوني
المحامي أحمد المحيميد، يرى أن المحاباة والمحسوبية في بيئة العمل عمل غير أخلاقي وغير قانوني، وتتمثل في قيام بعض المسؤولين أو المديرين بمجاملة أحد الموظفين أو العاملين على حساب غيره دون سبب قانوني أو سبب وجيه، وتأتي المحاباة بالغالب بنتائج سلبية وعكسية؛ أبرزها فقد الهيبة وتدني الإنتاجية وتسرب الكادر الوظيفي الجيد، وأيضا تؤثر سلباً بمعنويات الموظفين الآخرين، وقد تدمرها، وربما أصابتهم بالإحباط، وقلة الاهتمام بالعمل، وفقد هيبة المدير أو المسؤول ودخول الشللية في بيئة العمل.
المحاباة في بيئة العمل من أبرز السلبيات عند عدم تفعيل الحوكمة في بيئة العمل، إذ إن من شأن الحوكمة تفعيل عدم تعارض المصالح والإفصاح والشفافية؛ وهي بالمناسبة سلوك غير أخلاقي يخالف آداب وأخلاقيات مدونة السلوك الوظيفي. المحاباة قد تفسر بأنها فساد إداري، أيضاً، إذا اقترنت باستغلال السلطة الوظيفية لمنح أحد العاملين مزايا غير نظامية، وذلك بإساءة استخدام الصلاحيات الوظيفية، وهي -بلا شك- من جرائم الفساد الإداري المعاقب عليه بقوة النظام بالسجن والغرامة والفصل؛ سواء في نظام الخدمة المدنية أو في نظام العمل، وتلقي البلاغات يتم عبر وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
تملق المدير
روت متضررات من التميز السلبي لـ«عكاظ»، مواقف تعرضن لها وتقول فاطمة: إن محاباة المدير أو المديرة لبعض الموظفين والموظفات تعكس حالة يعيشها المنضبطون في الدوام؛ إما لأن المدير يخاف من الموظف القوي ويتساهل معه في عدم احتساب دقائق التأخير أو لأنه يعرض خدماته للمدير ويتملقه لتحقيق مآربه في كثرة الاستئذان غير المبرر وعدم تدوين وقت الاستئذان في سجل الدوام.
وهذه العينة من المديرين والمديرات محاسبون على تضييع الأمانة والتفريق بين الموظفين.
حذاري من دعاء المظلومات!
نوال عبدالرحمن ترى أن الملف شائك، لكن أسبابه معروفة لدى الكثيرين، إذ تدخل المصالح الشخصية في هذا الجانب، ويشعر فريق العمل بوجود فوارق في تقدير الجهود والعطاءات، فيمتدح المتخاذلة في عملها وإن كانت مقصرة، ويُدقق على المجتهدة الحريصة لمجرد الغيرة والحسد من المدير أو المديرة، إزاء بعض الموظفات على خلفية أخطاء غير موجودة، واستغلال السلطة لتصفية الحسابات افتعالاً بشكل مسيء، ويعد هذا أهم أسباب تدني الأداء والنفور من الدوام.
ومن الظلم توزيع المهمات السهلة على المقصرات المتهاونات في أداء مهماتهن، بينما تُسند المهمات الثقيلة على المنضبطات المتميزات وكأنه عقاب لهن ومكافأة لمن هن أقل منهن إنجازاً ودافعية وعطاء، وهذا من شأنه تعطيل التطوير والصدود عن الابتكار «ونصيحتي لهذه العينة من المديرين والمديرات أن يتقوا الله والعدل بين الجميع فإن دعوة المظلوم منصورة ولو بعد حين».
راقبوا أداء المديرين
نورة الهزاع تعتقد أن بعض المديرين يعملون تفرقة بين الموظفين، فيعطي موظفاً لا يملك أي موهبة أو خبرة أو مؤهلات منصباً ومن يملك الشهادة والخبرة يهمشه، لذلك أطالب الجهات المختصة بمراقبة وضع العمل ووضع رقم للبلاغات. وتتفق معها ياسمين الفهد، وتروي حكاية صديقة لها تشكو من مديرها؛ الذي همشها ولم يمنحها أي مهمات؛ لأنه لا يريدها أن تبرز أكثر منه لأنهما في مجال واحد مع أنها متميزة.
مزايا غير مستحقة
مدرب التنمية البشرية عبيد بن عبدالله البرغش يقول: إن بيئة العمل، عادةً، تتنوع في جانب الكفاءات والتخصصات وتجمع العديد من المهارات والطاقات المختلفة والمتنوعة، والكل ينشد تحقيق الهدف من خلال وظيفته ومع ذلك، قد يواجه بعض الموظفين تجارب سلبية في بيئة العمل نتيجة للتمييز والمحاباة، إذ يتم اختيار بعضهم عن الآخرين للحصول على مزايا غير مستحقة؛ مثل الإجازات بغير وجه حق والتأخير وغيرها من المزايا غير القانونية وغير العادلة.
ويضيف البرغش، أن تحقيق بيئة عمل عادلة ومنصفة يعد أمراً حيوياً لاستقرار العمل وتحقيق الإنتاجية والرضا العام، فتمييز الموظفين في بيئة العمل ينطوي على آثار اجتماعية سلبية على الأفراد المتضررين وعلى العمل نفسه، فعندما يتم اختيار موظف ومنحه مزايا غير مستحقة، ينشأ شعور بالظلم والإحباط بين الموظفين الآخرين الذين يشعرون بأنهم تم تجاهلهم رغم جهودهم وكفاءتهم، وهذا الشعور يؤدي إلى تدهور العلاقات بين الزملاء وتقسيم الموظفين إلى مجموعات صغيرة تنشأ عندما يشعر بعضهم بالمزايا المفرطة التي يتلقاها الآخرون.
تأثير على الإنتاج والمصداقية
يرى البرغش، أن الآثار الاجتماعية للتمييز في بيئة العمل تمتد إلى الأثر على الأداء العام والإنتاجية عندما يشعر الموظفون بعدم العدالة وعدم التكافؤ في المعاملة، فإنهم يفقدون الحماس والتفاني في العمل ويتأثرون سلباً في أدائهم. يتسبب التمييز في تقليل الروح الجماعية والتعاون في الفريق، مما يعيق تحقيق الأهداف المشتركة والابتكار، فالتمييز والمحاباة، أيضا، يهدد النظام والسلوك الأخلاقي في بيئة العمل عندما يسمح لموظف بالتأخير أو يتم منحه إجازات بغير وجه حق؛ ما يفتح الباب أمام الفساد والانتهاكات الأخرى في بيئة العمل، ما يؤثر سلباً على سمعة ومصداقية المؤسسة التي توضح الآثار الاجتماعية للتمييز في بيئة العمل أن التمييز والمحاباة لهما تأثير سلبي على الموظفين والعمل نفسه، يجب على المؤسسات وأرباب العمل تبني سياسات عادلة وشفافة وتطبيقها بدقة وضمان معاملة الموظفين بالتكافؤ وإعطاء الفرص المتساوية للجميع، ويتطلب ذلك تعزيز ثقافة العدالة والمساواة وتوفير بيئة عمل تشجع على التعاون والابتكار.
المديرات لهن رأي!
أمل حمد قالت: حينما كلفت بقيادة مدرسة ثانوية، سعيت جاهدة لتوفير بيئة تعليمية نظيفة وراقية، وحاولت التوفيق بين مطالب الزميلات شاغلات الوظائف التعليمية والإدارية وبين واجباتهن الوظيفية مع مراعاة ظروفهن الإنسانية الخاصة بما لا يتعارض مع الأنظمة.
ورأت زميلاتها منها انضباطاً في الدوام، وحرصاً على القيام بمهامها كأحسن ما تكون تحقيقاً للأهداف، «لم أكن قائدة بقدر ماكنت أختاً لزميلاتي أتعاون معهن وأبدل قصارى جهدي لتطوير أدائهن وإكسابهن المزيد من الخبرات من خلال إلحاقهن بالدورات التدريبية وتنفيذ الزيارات التبادلية بين زميلات التخصص الواحد مع استثمار بعض الحصص في الأسبوع لطرح بعض المعوقات التي تواجه المعلمات وطرح الحلول المتاحة لمعالجتها».
وداع دامع لمديرة نموذجية
تواصل أمل حمد: «كان شعاري إتاحة الفرص للجميع مع تحقيق العدالة بينهن، كان يهمني رأي المستفيد الأول؛ بناتي الطالبات، وراحتهن النفسية بالدرجة الأولى مع متابعة مستواهن التحصيلي وتقويمه وفق خطط مدروسة. عاملت زميلاتي بالرفق والتعاون حتى ظنت كل واحدة منهن أنها الأقرب لقلبي، ولم تخذلني واحدة منهن في أي موقف أو موسم، وبفضل الله ثم بفريق العمل الناجح والطالبات النجيبات حصلت مدرستنا على تقييمات مرتفعة في شتى المجالات».
ويوم غادرت مدرستي الجميلة لم تفارقني أجمل اللحظات التي قضيتها مع الزميلات والطالبات والعاملات تشيعني دعواتهن الصادقة، وتبكيني مشاعرهن الغالية نحوي عبر رسائل شوق وحب ووفاء لم تزل حتى اللحظة في خدمة الواتساب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
الانحياز فقط للمجتهد
المدير بدر سعد قال: بعض المديرين قد يلجأ بتمييز موظف عن الآخر لأسباب، وأنا كمدير انحاز للموظف الذي يهتم بعمله ويبرز جهده حتى أشكره وأخدمه.
أما القائدة ابتهال العتيبي، فترى أن القائد الناجح يصنع جواً من الألفة في إدارته، يحفز، يوجه، ويأخذ بيدهم لمحطات جديدة، لينهض بمنظومته ويسعى خلف كل جديد، ويستثمر التقنية في تسريع أعماله، ويضع بصمته فيبقى أثره عند رحيله.
وتختم القائدة ريتاج القرشي: نجاحهم نجاحي وخطأهم خطئي، يهمني أجعل الأعمال لخدمة الوطن وكل واحد يحقق نجاحات ولا أفرق بين الموظفين لأخلق بيئة عمل جاذبة.